في 12 ديسمبر عام 2017، تم إطلاق منصة نون في المملكة العربية السعودية باستثمارات أولية بلغت مليار دولار؛ ساهم بنصفها “صندوق الاستثمارات العامة السعودي” بينما ساهم بالنصف الآخر مستثمرون من القطاع الخاص على رأسهم مؤسس نون ورئيس مجلس إدارتها محمد العبار، لتتصدر نون بعد ذلك سوق التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط وتصبح قصة نجاح الشركة ملهمة للكثير من رجال الأعمال، وتنافس بقوة شركة “أمازون” على الصعيد الإقليمي.
لكن لم تكن رحلة نون بهذه السهولة، بل مرت بالعديد من التحديات حتى في بداية تأسيسها. وسنلقي الضوء هنا على هذه الرحلة الملهمة.
مشاكل التأسيس
تأسّست شركة نون في عام 2016، وتم التخطيط أن يكون انطلاق منصتها الأولى من السعودية في ديسمبر من عام 2017. وفي أثناء ذلك، واجهت الشركة ضربة قاسمة، حيث أعلن الرئيس التنفيذي للشركة “فضيل بن تركية” وعدد آخر من الموظفين مغادرة الشركة بسبب مشاكل تتعلق بالتأسيس.
لكن العبار استطاع، وفي وقت قصير، اختيار مدير تنفيذي جديد يتمتع بخبرة وافرة في مجال بناء المنصات التجارية الإلكترونية وهو “فراز خالد”، وتعود خبرة خالد لكونه أحد المؤسسين لمنصة “نمشي” للتجارة الإلكترونية، وقد استفادت “نون” من خبرته استفادة قصوى.
كما عملت الشركة في ذلك الوقت على إنشاء بنيتها التحتية لأنظمة المدفوعات والخدمات اللوجستية، وكذلك توقيع الشراكات مع أصحاب العلامات التجارية الكبرى لتبدأ المنصة عملها في ديسمبر كما خُطط لها.
شراكات محلية ودولية
وفي إطار سعيها للوصول إلى شريحة كبيرة من المتسوقين، عمدت نون إلى إنشاء شراكات متعددة مع العديد من الشركات المحلية والدولية. ففي عام 2017، أعلنت نون شراكتها مع “اكسترا”، والتي أصبحت بموجبها المورّد الحصري للأجهزة الإلكترونية والمنزلية للمنصة داخل المملكة العربية السعودية.
ومما ساهم في نجاح نون وازدياد شعبيتها بين العملاء هو قدرتها على مواجهة الاحتكار وتوفير العديد من المنتجات التي كانت مُحتكرة من قبل، بالإضافة لعرضها المنتجات بخصومات تصل إلى 15%، مما أعطاها ميزة تنافسية عالية عن باقي المنافسين.
وعلى الصعيد الدولي، أقامت نون شراكة مع متجر eBay الأمريكي، واستطاعت هذه الشراكة توفير خدمة مميزة جدًا لعملاء نون في السعودية والإمارات، حيث يستطيع المتسوقون اختيار أي منتج يعرض على منصة eBay في أمريكا، وستقوم نون بإيصال المنتج إلى منازلهم. لقد أتاحت هذه التجربة الفريدة لعملاء نون القدرة على الاختيار من بين ملايين المنتجات.
لقد استطاعت المنصة في وقت قصير توفير أكثر من 20 مليون منتج في مختلف المجالات بداية من الموضة والأزياء، إلى الأجهزة الإلكترونية، الأدوات الرياضية، وغيرها الكثير لتصبح بذلك من الرواد في سوق التجارة الإلكترونية.
خدمات لوجستية رائعة
منذ تأسيسها، عملت نون على تقديم أفضل خدمة للعملاء؛ لذا عملت جاهدة على إنشاء مراكز توزيع تقدم أفضل الخدمات اللوجستية، حيث قامت الشركة بافتتاح مركزيْ توزيع في المنطقة المخصصة للتجارة الإلكترونية في منطقة دبي الجنوب “إي زي دبي”، واستطاعت هذه المراكز تقديم الدعم اللوجستي للشركات الصغيرة والمتوسطة ضمن خدمة “نون لخدمة ودعم الشركات المحلية”.
وفي عام 2022، أعلنت المنصة عن تعاونها مع مكتب أبوظبي للاستثمار ونيتها إنشاء أكبر مركز توزيع في الإمارات، والذي سيقع في أبوظبي، وستبلغ مساحته 252 ألف متر مربع، وهو ما يعادل 35 ملعب كرة. وسيعمل المركز باستخدام أحدث التقنيات اللوجستية المستخدمة للتخزين، الفرز، والنقل. كما سيتيح المركز الجديد 6000 فرصة عمل جديدة، ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من العمل في عام 2024.
التوسع إقليميا
بعد نجاحها الباهر في كل من السعودية والإمارات، انطلقت نون نحو التوسع إقليميًا بافتتاح فروع لها في المنطقة، وقد كانت مصر هي محطتها التالية، حيث أنشأت نون مقرها في القرية الذكية في القاهرة، واستطاعت نون أن تقدم للعملاء في مصر العديد من المنتجات بأسعار جيدة. وقد وفرت منصة نون للعديد من تجار التجزئة في مصر فرصة الدخول إلى السوق الإلكتروني بالإضافة إلى القدرة على الوصول لشريحة أكبر من العملاء.
تجربة عظيمة
استطاعت نون أن تثبت نفسها في سوق التجارة الإلكترونية في فترة وجيزة، وأن تصبح المنافس الأقوى لشركة أمازون في الشرق الأوسط. وتعد هذه التجربة العربية الواعدة مختلفة عن أي شركة أخرى، حيث عملت على خدمة المجتمعات العربية، كما أنها وظفت وأهّلت الكوادر الوطنية لتمكينهم من احتراف العمل في مجال التجارة الإلكترونية.